جنيف -

حذّر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، ومقره جنيف، من تنامي بيئة معادية لحرية الصحافة والإعلام في مصر، في ظل ما تمارسه السلطات المصرية منذ نحو ستة أشهر من "سياسة قمعية متصاعدة بحق العاملين في مجال الصحافة والإعلام، داعيًا السلطات الحاكمة في مصر إلى إطلاق سراح الصحفيين المحتجزين بسبب نشاطاتهم الصحفية على الفور.

وقال المرصد في بيان صحفي أصدره اليوم الأربعاء (15 كانون أول/ ديسمبر)، إن السلطات المصرية "تتعمد استهداف الصحفيين والإعلاميين الذين ينقلون صورة أخرى لما يجري في الشارع غير الصورة التي يريدها النظام"، مشيرًا إلى أنه وثّق اعتقال 76 صحفياً خلال النصف الثاني من العام المنصرم (2013)، "ما يزال 37 منهم رهن الاعتقال التعسفي حتى اللحظة".

وقالت المنظمة الحقوقية الدولية إنها تنظر بقلق إلى "استخدام السلطات المصرية للقانون أداةً للتضييق على الصحفيين ومحاكمتهم، وهو ما يظهر من خلال طبيعة التهم التي تُوَجَّه إلى الصحفيين الذين يتم اعتقالهم، والتي توحي بالخلفية السياسية للاعتقال، وتشكّك بمدى جدّية المحاكمة ونزاهتها".

وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أن السلطات المصرية "لا تزال تحتجز ستة من صحفيي شبكة "الجزيرة" الإعلامية منذ مدد متفاوتة، حيث تواصل احتجاز الصحفي محمد بدر، والذي كان يعمل مصوراً لقناة "الجزيرة مباشر مصر"، منذ 16 تموز (يوليو) 2013، حيث جرى اعتقاله أثناء تغطيته للاشتباكات التي دارت في منطقة رمسيس، وتم اتهامه بحيازة كاميرا وتعطيل المرور وإتلاف ممتلكات وضرب رجال أمن. وينتظر جلسة النطق بالحكم يوم الثاني من فبراير القادم.  فيما لا تزال تحتجز عبد الله الشامي، وهو مراسل "الجزيرة" في القاهرة، منذ 14 آب (أغسطس) 2013، حيث جرى اعتقاله أثناء تغطيته لأحداث فض قوات الأمن لاعتصام أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي في ميدان رابعة العدوية بالقاهرة.

أما الأربعة الآخرون، وهم مدير مكتب الجزيرة بالقاهرة الناطقة باللغة الإنجليزية محمد عادل فهمي، ومراسلها الاسترالي بيتر غريستي، ومصور التلفزيون محمد فوزي، والمنتج الصحفي في قناة الجزيرة الإنجليزية باهر محمد، فقد جرى اعتقالهم يوم 29 كانون الأول (ديسمبر) الفائت، ومثلوا يوم الخميس الماضي 9 كانون الثاني (يناير) أمام النيابة العامة، والتي قررت بدورها تجديد حبسهم 15 يوماً بتهمة البث المباشر لأخبار تمس الأمن القومي دون ترخيص.

وقال المرصد الحقوقي "إنّ هذا الاستهداف المتصاعد بحق الصحفيين، ومن ضمنهم مراسلو الجزيرة، يأتي في سياق محاولة السلطات المصرية التضييق على حرية الإعلام، وتثبيت رواية واحدة للأحداث هي رواية النظام"، معتبراً ذلك "مخالفةً للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وللإعلان المتعلق بحق ومسؤولية الأفراد والجماعات وهيئات المجتمع في تعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية المعترف بها عالمياً"، مشددًا في الوقت ذاته على حق الصحفيين في استقاء المعلومات ونشرها بكل السبل والوسائل المتاحة، وأن توفر لهم الدولة الحماية من أجل ممارسة هذا الحق.

وأكّد المرصد الأورومتوسطي أن المادة (19) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والذي تعدّ مصر طرفاً فيه، نصت على "الحق في حرية الرأي والتعبير، والحق في التماس مختلف ضروب المعلومات ونقلها دونما اعتبار للحدود". وذكر أن المادة (8) من (الإعلان المتعلق بحق ومسؤولية الأفراد والجماعات وهيئات المجتمع في تعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية المعترف بها عالمياً) نصت على "حق كل شخص في تقديم انتقادات للهيئات الحكومية وتوجيه الانتباه إلى أي جانب من جوانب عملها". منوّها إلى واجب الدول في كفالة حماية الأشخاص من أي عنف أو تهديد أو تمييز أو ضغط ينجم عن ممارستهم للحق في التعبير عن الرأي وتلقي المعلومات ونقلها.

وختم المرصد بيانه بالقول: "إن على السلطات المصرية أن تتوقف عن استخفافها بحقوق الإنسان، وأن تطلق الفضاء للحريات العامة"، منوّها إلى أن مصر صُنّفت في المرتبة 158 من أصل 179 في الترتيب العالمي لحرية الصحافة بحسب منظمة "مراسلون بلا حدود".

ولفت الأنظار إلى أن المنظمات الحقوقية العاملة في مصر، غدت "عاجزة عن متابعة قضايا الاعتقال التعسفي واعتقالات الرأي بسبب الملاحقة التي يتعرض لها الصحفيون والمدافعون عن حقوق الإنسان"، منوّها إلى "استمرار السلطات المصرية في احتجاز الباحث في المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في مصر، الدكتور عبد الله الفخراني، منذ ما يقارب الخمسة أشهر بدون محاكمة".