جنيف - دعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إلى فتح تحقيق عاجل في ادعاءات تعرّض مواطنين صينيين للاحتجاز في أحد المرافق المدنية بإمارة دبي، مطالبًا السلطات الإماراتية بإيضاح جميع التفاصيل المتعلّقة بالحادثة المذكورة.
وقال المرصد الأورومتوسطي -ومقرّه جنيف- في بيان صحفي صباح اليوم الإثنين، إنّه تابع بقلق تقريرًا نشرته وكالة "أسوشيتيد برس" تضمّن ادّعاء شابة صينية تُدعى "وو هوان" (26 عامًا) –ليست من الإيغور- بتعرّضها في 27 مايو/أيّار الماضي للاستجواب على يد مسؤولين صينيين داخل الفندق الذي كانت تقيم به، قبل أن تنقلها شرطة دبي إلى أحد مراكز الشرطة، حيث مكثت هناك ثلاثة أيام، ونُقلت عقب ذلك وهي مقيّدة اليدين بواسطة سيارة سوداء من نوع "تويوتا" إلى فيلا من ثلاثة طوابق، تضم غرفًا منفصلة حوُلّت إلى زنازين بأبواب حديدية، حيث رأت وسمعت محتجزتين اثنتين من أقلية الإيغور في زنازين مجاورة.
وقالت الشابة الصينية إنّها تعرّضت خلال استجوابها للتهديد وأُجبرت على التوقيع على وثائق قانونية تتهم خطيبها –الملاحق من السلطات الصينية- بمضايقتها، قبل أن يُطلق سراحها في 8 يونيو/حزيران المنصرم.
ترحيل السلطات الإماراتية والسعودية والمصرية مسلمي الإيغور قسرًا إلى الصين يخالف بشكل صريح التزامات الدول الثلاث الموقعة على اتفاقية مناهضة التعذيب.
ولفت المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ الحادثة تُعيد إلى الواجهة من جديد تورّط السلطات الإماراتية في استضافة سجون سرّية على أراضيها، وتسليمها لمطلوبين إلى دول أخرى، إذ سلّمت في فبراير/شباط 2018، المواطن الصيني من أقلية الإيغور "أحمد طالب" إلى الصين، رغم احتمالية تعرّضه لانتهاكات خطيرة تبعًا لممارسات بكين غير القانونية ضد مسلمي الإيغور.
وبيّن المرصد الأورومتوسطي أنّ إفادة الشابة الصينية "وو هوان" تبدو متقاطعة مع حوادث تسليم دول عربية مطلوبين للسلطات الصينية على أراضيها خلال السنوات الأخيرة، إذ تمكن "مشروع الإيغور لحقوق الإنسان" من تعقب 1,327 إيغوريا مرحلًا من 20 بلدًا منذ عام 2014 حتى الآن. كما وثّقت تقارير ترحيل المملكة العربية السعودية 5 أشخاص من المسلمين الإيغور إلى الصين قسريًا بين عامي 2017 و2018، فيما رصدت تقارير أخرى اختفاء عشرات الطلاب الإيغور الذين كانوا يدرسون في مصر عقب احتجازهم من السلطات المصرية في تموز/يوليو 2017، ويعُتقد أنّ السلطات رحّلتهم قسريًا إلى الصين.
وفي نهاية يوليو/تموز الماضي، اعتقلت السلطات المغربية ناشطاً من الإيغور، يُدعى "إدريس حسن"، بعد أن وصل جواً إلى المغرب من تركيا، وذلك بناءً على مذكرة اعتقال صينية قامت الإنتربول بتوزيعها.
وفي يوليو/تموز 2019، وجّهت السعودية ومصر والإمارات إلى جانب 34 دولة أخرى، رسالة إلى الأمم المتحدة تدعم فيها سياسة بكين تجاه الأقليات في إقليم شينجيانغ شمالي البلاد.
وبيّن المرصد الأورومتوسطي أنّ ترحيل السلطات الإماراتية والسعودية والمصرية مسلمي الإيغور قسرًا إلى الصين يخالف بشكل صريح التزامات الدول الثلاث الموقعة على اتفاقية مناهضة التعذيب، والتي نصت في البند الأول من المادة رقم (3) على أنّه "لا يجوز لأية دولة طرف أن تطرد أي شخص أو تعيده أو أن تسلمه إلى دولة أخرى، إذا توافرت لديها أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيكون في خطر التعرض للتعذيب".
وأوضح المرصد الأورومتوسطي أنّ للإمارات سجلًا سيئًا في احتجاز مواطنيها أو أفراد من جنسيات أخرى داخل سجون سرية، حيث سُجلت عشرات الحالات، كان أبرزها احتجاز الأميرة "لطيفة" ابنة حاكم دبي في "فيلا" عام 2018 ومنعها من الوصول إلى العالم الخارجي، قبل أن تسمح لها السلطات على ما يبدو بمغادرة البلاد في يونيو/حزيران 2021.
وانتقد المرصد الأورومتوسطي بشدة استمرار السلطات الإماراتية في استضافة أو المشاركة في إدارة سجون سرية لدول أخرى داخل الإمارات، مشدّدًا على ضرورة تقديم الالتزامات القانونية والأخلاقية على الاعتبارات السياسية، وإنهاء جميع مظاهر الاحتجاز غير القانونية داخل منشآت مدنية في الدولة.
ودعا المرصد الأورومتوسطي السلطات الإماراتية إلى التوقف عن ممارسات الاحتجاز والترحيل القسري غير القانونية، واحترام التزاماتها القانونية المحلية والدولية ذات العلاقة.
وطالب مفوضية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة بإدانة انتهاك السلطات في الإمارات للحقوق الأساسية للأفراد، والتواصل مع السلطات للتأكد من احترامها لحقوق المواطنين والمقيمين في الدولة، وإعمال مبادئ حقوق الإنسان في احتجاز الأفراد والتحقيق معهم، وتسليم المطلوبين إلى دولهم.