مارتينا فوكس، المستشار الإعلامي للمرصد الأورومتوسطي

 

بينما ينَفذ أكبر حجر صحي في تاريخ البشرية في محاولة لاحتواء جائحة كورونا، تتزايد المخاوف بشأن مراقبة البيانات والخصوصية كحق من حقوق الإنسان. على سبيل المثال، أفادت تقارير أن فيسبوك وجوجل وشركات تكنولوجيا عملاقة أخرى تجري محادثات مع حكومة الولايات المتحدة الأمريكية حول استخدام بيانات الموقع والحركة من الهواتف الذكية لدراسة أنماط الإرسال في محاولة لمكافحة تفشي المرض، ولكن ليس الجميع سعداء بذلك.   

   بالرغم من أن الاجراءات القاسية لحماية الصحة العامة لن تستمر إلى الأبد ويجب أن تُمارَس بما يتفق تمامًا مع القانون، إلا أنها سوف تؤثر حتماً على أبسط حقوق الإنسان، مثل الحق في الحرية والحق في الخصوصية   

 

في الوقت الذي يصل فيه مجموع حالات الإصابة بفايروس كوفيد-19 التي تم الإبلاغ عنها حول العالم إلى أكثر من 315,992 حالة، وبلغت الوفيات بسبب الوباء أكثر من 13,407، لا تظهر أية دلائل على أن الفايروس في انحسار. (قم بزيارة موقع Johns Hopkins Coronavirus Resource Center للحصول على أحدث البيانات)

في كوريا الجنوبية وإسرائيل، بدأت الحكومات بالفعل باستخدام بيانات الهاتف المحمول لرصد وتتبع انتشار الفايروس، وتحليل معدلات الاتصال والنقل. لكن بعض المدافعين عن حقوق الإنسان قلقون من أن تعقب الحالات يمكن أن يؤدي أيضًا إلى انتهاك أبسط الحقوق.

وبينما تتزايد أعداد البلدان حول العالم التي تفعل الحظر، يتسبب فايروس كورونا في تدخل حكومي كبير في حياتنا اليومية، إضافة إلى أنه ينطوي على مخاطر لإضفاء الشرعية على أساليب المراقبة والرقابة باستخدام الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة.

وتحذر العديد من المنظمات بما في ذلك منظمة العفو الدولية من أن التعامل مع الوباء قد يؤثر على حقوق الإنسان لملايين الناس. بالرغم من أن الحق في الصحة يبقى فوق كل شيء، لا شك أن العديد من القضايا الحقوقية الأخرى تبقى على قدر من الأهمية أيضًا، مثل التمييز والاحتجاز التعسفي والخصوصية.

ولا يجب إغفال حقيقة أن الخصوصية هي حق أساسي من حقوق الإنسان المعترف بها في إعلان الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وفي العديد من المعاهدات الدولية والإقليمية الأخرى.

إلى جانب ذلك، تصف منظمة آكسس ناو، وهي منظمة دولية غير ربحية للحقوق الرقمية، الحكومات بأنها "تضفي الشرعية على أدوات القمع كأدوات للصحة العامة".حقيقة وخطر الأمر هو أن الحكومات تطبق سلطات استثنائية أثناء حالات الطوارئ، ففي حين أن بعض الانتهاك المؤقت للخصوصية أمر لا مفر منه، مثل فحوصات درجة الحرارة الإلزامية في المطارات، فإن الاحتفاظ بسجلات السفر والسجلات الصحية وغيرها من البيانات إلى أجل غير مسمى أمر غير قانوني.

على سبيل المثال، أقرت حكومة المملكة المتحدة تشريعات جديدة وسلطات طوارئ لاحتواء انتشار الفايروس. حيث أنه بموجب قانون الطوارئ لفيروس كورونا الجديد، يحق لموظفي الصحة العامة والشرطة وضباط الهجرة احتجاز المرضى المشتبه بهم لفحصهم.

وبالرغم من أن هذه الاجراءات القاسية لحماية الصحة العامة لن تستمر إلى الأبد ويجب أن تُمارَس بما يتفق تمامًا مع القانون، إلا أنها سوف تؤثر حتماً على أبسط حقوق الإنسان، مثل الحق في الحرية والحق في الخصوصية. وفي حين أنه على الكل العمل لمواجهة وباء كوفيد-19، فإن الخطر الحقيقي هو أن تستمر هذه الإجراءات ويستمر جمع البيانات واستخدامها لفترة طويلة بعد زوال الوباء.

إحدى الحلول يمكن أن تتمثل في إخفاء هوية أصحاب البيانات، ولكن يظل خطر الانتهاكات والهجوم الإلكتروني قائماً حيث قد تكون خصوصية البيانات هي الضحية التالية لفيروس كورونا.