جنيف- استعرض متحدثون وقانونيون خلال ندوة نظمها المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان على هامش الدورة الثانية والأربعين لمجلس حقوق الإنسان اليوم، واقع اللاجئين والمهاجرين في أوروبا وحجم الانتهاكات والتجاوزات التي يتعرضون لها وواقعهم داخل مخيمات اللجوء وخارجها، والطريقة المثالية لاندماجهم في المجتمعات الأوروبية المضيفة.
 

   نحن قلقون من أن العديد من الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا لا تتقبل اللاجئين والمهاجرين. على سبيل المثال وعد التحالف السابق في إيطاليا خلال حملته الانتخابية بترحيل حوالي 500 ألف من المهاجرين غير الشرعيين من البلاد، وبمجرد انتخابهم قررت الحكومة إغلاق موانئها أمام قوارب إنقاذ المهاجرين   

سيلين يشار، مسؤولة الاتصال والإعلام لدى المرصد الأورومتوسطي

 

وقال هؤلاء خلال الندوة التي نظمها الأورومتوسطي بالتعاون مع GIWEH -وحملت عنوان "اللاجئون والمهاجرون في أوروبا: الواقع وآفاق المستقبل"- إنّ الدول الأوروبية فشلت في توفير الحماية للاجئين والمهاجرين وعملت على عدم احترام حقوقهم الإنسانية.

وتطرّقت الندوة التي حضرها ممثلو بعض الدول في مجلس حقوق الإنسان، والعديد من النشطاء الحقوقيين، والعاملين في المنظمات الدولية إلى واقع اللاجئين في المخيمات، ونظرة المجتمعات الأوروبية إليهم، والقوانين الصارمة التي تستهدف تأخير وإفشال جمع شمل أسرهم، والقيود المشددة في تنفيذ أعمال إنقاذهم في عرض البحر.

وقالت مسؤولة الاتصال والإعلام لدى المرصد الأورومتوسطي "سيلين يشار" في كلمتها إنه تم وضع الآلاف من اللاجئين في معسكرات أو مراكز احتجاز، خاصة في اليونان وإيطاليا في ظروف مأساوية".

وأضافت "يشار" أن الجزء الأكبر من تلك المعسكرات ومراكز الاحتجاز لم تكن مجهزة لتلبية الاحتياجات الأساسية للاجئين والمهاجرين، وتفتقر لوجود مرافق صحية وأماكن مؤهلة لنوم الآلاف وبينهم أطفال في مقتبل العمر، مشيرة إلى أن المرصد الأورومتوسطي نشر سابقًا تقريرًا حول أوضاع اللاجئين في تلك المخيمات، وبينها مخيم للاجئين في جزيرة لسبوس اليونانية التي كان يقطنها حوالي 7 آلاف لاجئ، ربعهم أطفال، وتعود أصولهم لسوريا التي مزقتها الحرب الأهلية.

وبيّنت أن معظم هؤلاء اللاجئين كانوا يعيشون في خيام داخل المخيم في ظروف بالغة السوء مع اشتداد البرد خلال فصل الشتاء، إذ تم تخصيص مرحاض واحد لكل 70 شخصًا، بحسب توثيق منظمة أطباء بلا حدود.

وأوضحت "يشار" أنّ المرصد الأورومتوسطي تلقّى شهادات من اللاجئين في المخيمات اليونانية الأخرى تفيد بأن السلطات هناك مكّنتهم من استخدام الإنترنت بعد تحطيم الكاميرات في هواتفهم حتى لا يلتقط اللاجئون الصور ومقاطع الفيديو التي من شأنها كشف الظروف الصحية الحقيقية لهذه المعسكرات.

وأضافت أنّه من بواعث القلق عدم وجود سياسات أوروبية واضحة لدعم اللاجئين الأطفال إذ أظهرت التقرير الصحفية المختلفة وصول حوالي مائة ألف طفل إلى أوروبا بينهم حوالي 33800 غير مصحوبين بذويهم.

وأشارت "يشار" إلى أن الأطفال غير المصحوبين بذويهم غالبا ما يعانون من الصدمة وهم معرضون بشدة للاعتداء الجسدي والعنف الجنسي والعبودية والاستغلال من قبل المتاجرين بالبشر، لافتة في الوقت ذاته إلى أن هؤلاء الأطفال ليس لديهم إمكانية الوصول إلى التعليم أو الدعم المحدد.

من جهة أخرى، قالت "يشار": "نحن قلقون من أن العديد من الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا لا تتقبل اللاجئين والمهاجرين. على سبيل المثال وعد التحالف السابق في إيطاليا خلال حملته الانتخابية بترحيل حوالي 500 ألف من المهاجرين غير الشرعيين من البلاد، وبمجرد انتخابهم قررت الحكومة إغلاق موانئها أمام قوارب إنقاذ المهاجرين".

وختمت "يشار" مداخلتها بالقول إن "اندماج اللاجئين في المجتمعات الأوروبية المضيفة من شأنه أن يمكنهم من ممارسة حقوقهم بموجب القانون الدولي، مثل الحق في العمل في بيئة مناسبة وتمتعهم بنفس الحقوق التي يتمتع بها المواطنون في البلدان المضيفة لهم".

من جانبها، قال الخبير في شؤون الهجرة باولو روزبيني خلال مداخلته في الندوة: "على الرغم من أن جميع المهاجرين ليسوا متعددي الجنسيات، إلا أن مفاهيم الهوية تتطور مع تزايد انتماء الأفراد إلى أكثر من بلد ومجتمع واحد".

وأضاف روزبيني أن الاتجاهات التشريعية في عدة دول أوروبية تُظهر أنّ مفهوم الاندماج أصبح بالنسبة للمهاجرين الجدد أكثر تقييدا، ويرتبط في معظمه بالجوانب الثقافية مثل الدورات التدريبية حول اكتساب اللغة والتاريخ والثقافة والجوانب المدنية والاجتماعية.

من جهتها، أكدت المنسقة الإقليمية لمنظمة MMC آيلا بونفجليو أن هناك تراجعا حادا في وصول اللاجئين والمهاجرين إلى أوروبا، بسبب القيود التي تفرضها دول الاتحاد الأوروبي.

وأوضحت بونفجليو أن الكثيرين يعتقدون أن اللاجئين يتخذون ليبيا طريقًا للعبور إلى أوروبا فقط، وهذا غير صحيح، فنحو 20% من الأشخاص الذين أجرينا مقابلات معهم كانوا ينوون البقاء والاستقرار في ليبيا، لافتة إلى أن العوامل الاقتصادية دائمًا ما تشكل جزءًا من قصة اللجوء أو الهجرة لدى أولئك الذين يحاولون عبور البحر لمكانٍ آخر.

بدورها، قالت المدير العام في منظمة SOS كارولين أبو سعدة خلال مداخلتها في الندوة: "أدعم بشدة فكرة أنّ ما يحدث لا يسمى بـ"أزمة اللجوء" بل "أزمة الاستقبال"".

وأوضحت أبو سعدة أن السلطات الإيطالية عام 2017 بدأت بتجريم عمل المنظمات غير الحكومية وتشديد القيود عليها في تنفيذ أعمال الإنقاذ للاجئين في عرض البحر، حيث توقفت بعض المنظمات عن العمل بشكل كامل، بينما حاولت أخرى المفاوضة على تلك السياسات.

وأشارت إلى أنه من الجيد أن إيطاليا تنفتح الآن أكثر من السابق تجاه أزمة استقبال اللاجئين وتطلب المساعدة من الاتحاد الأوروبي بشأن ذلك، مؤكدة في الوقت ذاته على ضرورة استئناف الاتحاد الأوروبي عمليات الإنقاذ للاجئين والمهاجرين في عرض البحر.

وشددت أبو سعدة على أن المنظمات غير الحكومية تساعد في ذلك لكنّ المسؤولية الأساسية تقع على تلك الدول.