جنيف- حذر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان من التنامي الخطير في انتهاكات حقوق الإنسان وسوء أوضاع السجون في العراق، والتي يتعرض المعتقلون داخلها لأبشع أساليب التعذيب والترهيب النفسي والجسدي.

 

   أكد المعتقلون في رسالة للمرصد الأورومتوسطي تعرضهم للتعذيب والإهانات النفسية والجسدية، ما دفعهم للاعتراف تحت التعذيب بجرائم لم يرتكبوها وحكموا ظلمًا.   

 

وذكر المرصد الأورومتوسطي – والذي يتخذ من جنيف مقرًا رئيسًا له- في بيان صحفي اليوم الأربعاء، أنه تلقى رسالة من عدد من معتقلي سجن (الناصرية) المعروف بسجن (الحوت) والواقع في محافظة "ذي قار" جنوب العراق.

وأفاد المعتقلون في رسالتهم بأنهم اعتقلوا نتيجة الدعوات الكيدية والمخبرين السريين والتهم الملفقة ضدهم، وأكدوا تعرضهم للتعذيب والإهانات النفسية والجسدية، ما دفعهم للاعتراف تحت التعذيب بجرائم لم يرتكبوها وحكموا ظلمًا.

واشتكى المعتقلون للمرصد من تعرضهم للإهمال الطبي الشديد وسوء الطعام المقدم لهم،  مشيرين إلى أنهم يبقون بالقيود التي تحيط بأيديهم بشكل مستمر داخل السجن، عدا عن عدم توفير الماء لغرض الاستحمام، وازدحام سجن (الناصرية) بالنزلاء في ظل أجوائه الحارة جدًا.

كما اشتكوا من انتهاكات أخرى تنتهجها إدارة السجن في تعاملها مع المعتقلين منها التفتيش اليومي للزنزانات وإخراجهم وتفتيشهم بطرق مهينة من خلال تعريتهم من الملابس، والضرب بالعصي الكهربائية والقضبان المعروفة في السجون بـ "الدونكيات"، إضافة إلى إجبارهم على الوقوف بقدم واحدة ولمدة طويلة.

وقال المرصد الأورومتوسطي إن "واقع السجون العراقية اليوم هو واقع مأساوي، وهي تضم في معظمها معتقلينَ جرى اعتقال الكثير منهم تحت طائلة قوانين جائرة مثل قانوني (مكافحة الإرهاب) وقانون (المخبر السري) دونِ أي أمر قضائي.

وأشار إلى تعرض معظم المعتقلين إلى انتهاكات عدة منذ بداية اعتقالهم، وتجري عملية التحقيق معهم من قبل ضباط يستخدمون طرق التعذيب والإكراه المختلفة لإجبارهم على الاعتراف بجرائم لم يرتكبونها، مثل القيام بعمليات عسكرية أو الانتماء إلى جماعات مسلحة.

كما نبه المرصد إلى التعذيب الذي يجري على أساس طائفي من قبل بعض الأفراد والميليشيات الطائفية التي تفرض سلطاتها على المحققين وإدارة السجن.

تجدر الإشارة إلى أن العراق  يصنف على أنه من أكثر الدول التي يجري بها ارتكاب انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان، من خلال الصراعات المسلحة والمحتدمة بين مختلف الأطراف هناك.

ولفت الأورومتوسطي إلى مقتل عشرات المدنيين وسط المعارك داخل المدن والمحافظات العراقية ضد ما عرف باسم تنظيم الدولة الإسلامية.

في الوقت ذاته، تستمر المظاهرات التي عمت غالبية المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة على خلفية أزمتها الاقتصادية، والانحدار الحاد في مستوى الخدمات والبنية التحتية المتدهورة، إلى جانب تصاعد الأحداث الأمنية هناك.

كما تعرض الصحفيون والنشطاء في مجال الإعلام والدفاع عن حرية التعبير إلى انتهاكات عديدة ومضايقات، وتهديدات أخرى بالخطف ومنع التغطيات الإعلامية والاعتداء عليهم وصولًا للاستهداف المباشر لحياتهم.

ونبّه الأورومتوسطي إلى أن حجم الانتهاكات وعمليات الانتقام والخطف والتعذيب التي تتعرض لها العائلات التي كان بعض أبنائها في صفوف تنظيم الدولة كبير جدا، وتواجه تلك العائلات حملات اختطاف وتعذيب من قبل ميليشيات طائفية وميلشيات تابعة لإيران.

   العراق يصنف على أنه من أكثر الدول التي يجري بها ارتكاب انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان   

وأكد المرصد الأورومتوسطي استنادًا إلى ما تم توثيقه من انتهاكات جسيمة تُرتكب بحق المعتقلين في سجنِ (النَّاصرية)، على ضرورة أن تقوم السلطات العراقية بتشكيل لجنة حقوقية دولية محايدة لزيارة السجن المذكور والوقوف على الانتهاكات فيه.

وطالب المرصد بوقف المحاكمات الجائرة التي تجري في محاكمِ ذي قار (الناصرية) وإعادةُ توزيع قضايا المعةتقلين حسب الاختصاص المكاني للمحاكم العراقية التي نَصَّ عليها القانونُ.

وشدد الأورومتوسطي على أنه ينبغي على السلطات العراقية إعادةُ النَّظر من قِبل محكمة التَّمييز العراقية بالأحَكام القاسية التي أصدرتها محكمة جنايات ذي قار (الناصريَّة) خلال الفترة السابقة، وأن تتم إعادة تدوين أقوال المعتقلين الذين تعرضوا للتَّعذيب على يد محققين قضائيين غير مسيسين وفق أَحكام القانون، بعيدًا عن عمليات الضغط والتهديد والتَّعذيب للمعتقلين.

كما حث المرصد الحقوقي على ضرورة عرض المعتقلين ممن تعرضوا للتعذيب على لجنة طبية عدلية لتوثيق هذه الانتهاكات، وتقديم كل من شارك في تعذيب المعتقلين ومنع إطلاق سراحهم بعد أن برأَهم القضاء من التهم المُوجهة إليهم إلى المحاكمة العادلة.