تعطل 22 مقر إنتخابي واعتداء على بعض القضاة

المرصد "الأورومتوسطي": مخالفات غير جوهرية لم تؤثر على سلامة الانتخابات بمصر

انقضت عملية الاقتراع في المرحلة الأولى من انتخابات مجلس الشعب المصري، ضمن أجواء إيجابية غير مسبوقة في مصر، سُجِّلت خلالها مشاركة واسعة من قبل الجمهور، تخللها خروقات وتجاوزات غير جوهرية ارتفعت وتيرتها في اليوم الثاني للاقتراع، لكنها لم تؤثر في المجمل على سلامة العملية الانتخابية.

وقال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان  (EMOHR) ،  في تقرير له صدَر الأربعاء (30/11)، أنّ عملية الاقتراع في المحافظات المصرية التسعة التي شملتها المرحلة الأولى من الانتخابات، رُصِد خلالها الاقبال الكبير من قبل المواطنين، وعدم تسجيل حوادث عنف لافتة أو اعتداءات جسيمة، بينما لوحظت خروقات ليست بالهامة أو الجوهرية في بعض اللجان الانتخابية، لا سيما خلال اليوم الثاني من التصويت. برز من بين تلك التجاوزات استمرار الدعاية الانتخابية لبعض المرشحين وغلق بعض اللجان قبل الموعد المحدد، إضافة الى تأخر وصول قضاة إلى مراكز الإقتراع.

وفي سياق أمن العملية الانتخابية، كشف التقرير أن اليوم الأول للاقتراع شهِد حالة من استتباب الأمن داخل وفي محيط المقرات الانتخابية التي يتجاوز عددها 9800 مقرًا، مخصصة لإدلاء حوالي 17 مليونًا ونصف المليون ناخب بأصواتهم.

وأضاف أن المقرات الانتخابية لم تشهد أعمال عنف واعتداء، رغم خروج البلاد من موجة احتجاجات دامية ضد المجلس العسكري الحاكم سقط ضحيتها أربعين قتيلاً، باستثناء ما سُجل في محيط إحدى مراكز الاقتراع في محافظة أسيوط بصعيد مصر؛ من عرقلة مسلحين تابعين لأحد المرشحين، لوصول المواطنين إلى مركز التصويت.

لكنَّ التقرير نوَّه إلى أنّ لجان شعبية شكلها المواطنون تعمل في المحافظة وبالتعاون مع القوى الأمنية سيطرت على المسلحين في وقت قصير، لتعود حركة المواطنين حول المركز الانتخابي إلى طبيعتها.

وأضاف تقرير المرصد الأورومتوسطي، أنّ اليوم الثاني شهد حوادث عنف متفرقة، تعاملت معها قوات الجيش والشرطة المتكفلة بحماية مراكز الاقتراع، حيث أقدم ناخبون في محافظة الفيوم على كسر باب لجنة مديرية "كفر محفوظ للتعليم الأساسي" بمركز "طامية"، احتجاجًا على عدم السماح لهم بالتجمع داخل اللجنة، ونوَّه التقرير إلى قيام رجال الأمن بإطلاق الأعيرة النارية في الهواء لتفرقة الناخبين المحتجين ومنعهم من اقتحام اللجان، قبل أن تسيطر قوى الأمن على الموقف وتُستكمل عملية التصويت.

وأشار التقرير إلى أنّ عددًا من  الأفراد، تجمعوا أمام لجنة "مدرسة أحمد ماهر" بحدائق القبة في محافظة القاهرة، مطالبين بالتصويت رغم حضورهم إلى مقر اللجنة بعد إغلاق المدة القانونية للاقتراع عند السابعة مساء.

وأضاف التقرير أنّ الأمر ذاته تكرر في مقر لجنة "مدرسة الزيتون الحديثة الاعدادية-بنات"؛ حيث تظاهر أكثر من مائة وخمسين فردًا محاولين منع إخراج صناديق الاقتراع، قبل أن تُستدعى قوات الأمن وتبعدهم عن المكان.

 

زيادة في وتيرة التجاوزات باليوم الثاني

ولفت تقرير "الأورومتوسطي" إلى أنّ الانتخابات التي يُشرف على مراقبتها أكثر من تسعة آلاف قاضٍ، جرت في جو من الحرية والنزاهة، ولم يُسجَّل خلال يوميّ التصويت، أية خروقات واضحة تؤثر في سير العملية الانتخابية، وأنّ ما تمَّ رصده من مخالفات تُصنف بالبسيطة نسبيًا، وإن كانت قد ازدادت وتيرتها في اليوم الثاني.

وفصَّل التقرير الحقوقي، أنّ مخالفات اليوم الأول جاءت من قبيل شكاوى مواطنين عن تأخر فتح أبواب بعض اللجان، أو تأخر وصول أوراق التصويت إليها أو وصولها غير مختومة إلى البعض الآخر.

وأضاف أنّه رصَد شكاوى متواترة لناخبين في محافظة الفيوم، قالوا فيها أنّ أنصار حزبيّ "الحرية والعدالة" و "النور" وزَّعوا نشرة إرشادية للناخبين، طُبع عليها شعار أحزابهم، في مراكز "أبشواي" و"يوسف الصديق" و"سنهورس" في المحافظة، كما شوهد مندوبو بعض المرشحين يمارسون الدعاية الانتخابية داخل لجان الاقتراع وعلى أبوابها.

من جانب آخر؛ شهد عدد من اللجان تأخرًا في حركة طوابير الناخبين، بسبب طول قائمة الانتخاب الفردية، واستنفاذ وقت كبير من قبل الناخبين في إيجاد إسم ورمز مرشَّحيهم، بينما تداركت لجانٌ أخرى هذا الأمر، وقامت بتعليق الورقة الخاصة بمرشحي القوائم الفردية على باب اللجنة لمساعدة المواطنين، والتسريع من عملية الاقتراع.

أما اليوم الثاني، فشهد تجاوزًا ملحوظًا؛ جيث لم تُجرَ عملية التصويت في 22 لجنة انتخابية، بسبب غياب القضاة المشرفين على تلك اللجان، أو عدم عدم وصول بطاقات الاقتراع الرسمية، أو وصول بطاقات تحمل أخطاء.

وأضاف التقرير أنّ شهاداتٍ متواترة في محافظة القاهرة، أشارت إلى أنّ دائرة "عين شمس والمرج" بالمحافظة، شهدت تأخيرًا متعمدًا في تسلُّم أوراق واستمارات التصويت والأختام، حيث لم يُسلّم مأمور قسم شرطة عين شمس هذه المستلزمات للجان على وقتها، ما أدى لتأخر افتتاح الاقتراع فيها.

كما وثق التقرير شهادة للمستشار أحمد الزند، رئيس نادي القضاة، أفاد خلالها بقيام عدد من المواطنين بالاعتداءعلى القضاة المكلفين بالاشراف على الانتخابات، بعد إغلاقهم للجان بانتهاء وقت الاقتراع، وذلك في لجان "مدرسة المعهد الجديد" و "مدرسة الثانونية بنات بالزيتون" و"مدرسة أم المؤمنين بالساحل" و"مدرسة القبة الثانوية العسكرية" و"مدرسة الزاوية الاعدادية"، وجميعها في محافظة القاهرة.

 

إقبال كبير وتنظيم عالي: 

ورغم الاقبال الكثيف للمواطنين، وحداثة التجربة الديموقراطية بعد الثورة، وتعدد الأحزاب السياسية التي تخوض الانتخابات، وتتجاوز الخمسين حزبًا متنافسًا، فإن المشهد العام الذي رصده التقرير الحقوقي، في اللجان والمقرات لانتخابية بالمحافظات التسعة، اتسم بالتنظيم العالي، والالتزام الكبير من جانب الناخبين بالنظام وتعليمات مشرفي اللجان.

وسجّل التقرير قيام قوات الجيش والشرطة بمساعدة المواطنين، لا سيما كبار السن، الذين وجدوا صعوبة في الوصول إلى لجانهم، إلى جانب الانسجام الكبير بين هذه القوات واللجان الشعبية التي شكلها المواطنون في مختلف المحافظات.

وأشار التقرير إلى أنّ الاقبال على صناديق الاقتراع، كان عريضًا وإيجابيًا، لا سيما في اليوم الأول الذي شهد كثافة تصويت أكبر، حيث قدَّر مراقبون أن تصل نسبة الاقبال على صناديق الاقتراع إلى نحو 70 بالمائة ممن يحق لهم التصويت.

 واعتبر التقرير أنّ هذا الاقبال يعكس حالة من الثقة في الشارع المصري، وانفتاحًا من مختلف شرائح المجتمع على العملية الديموقراطية وإيمانًا بها، ورغبة حقيقة لدى الجمهور المصري في التعبير عن صوته وإرادته.

وسجَّل المرصد الحقوقي عبر ممثليه في المحافظات المصرية ارتياحًا لدى الناخب المصري، الذي بات يرى في هذه الانتخابات أول فرصة حقيقة تُتاح له لاختيار مرشحيه في مجلس الشعب بأجواء نزيهة وشفافة، ودون أن تشهد ليلة الانتخابات أو نهارها عمليات اعتقال أو ترهيب للمرشحين والناخبين، أو عرقلة لوصولهم إلى مراكز الاقتراع، كما اعتادوا في العقود الماضية.

 

30/11/2011